مسلم يعقل ما يقول، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل وأعظم من أن يشرك بربه تعالى وتقدس.
وإنما ذلك إلقاء من الشيطان على لسانه في نفس التلاوة ولم يعلم بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أمسى وأتاه جبريل، فقال: يا محمد ما صنعت؟ لقد تلوت على الناس ما لم آتك به عن الله عز وجل. فحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم حزنا شديدا، وخاف من الله خوفا عظيما، فأنزل الله عليه آية الحج تعزية له وتسلية، وكان به رحيما فأخبره جل وعلا: أن هذا ليس خاصا به، بل كل رسول ونبي قبله {إِذَا تَمَنَّى} أي: حدث وتلا {لْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ}[سورة الحج آية: ٥٢] أي: في تلاوته; فذهب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما وجده من الخوف والحزن، هذا ملخص ما ذكره أهل التفسير.
ولم يقل أحد منهم: أشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك لكمال معرفتهم، وعظيم علمهم; ومن عدم العلم والخشية، وتكلم بجهل وظلم، فجنايته على الإسلام كبيرة؛ وفي مثل هؤلاء، قال قتادة:"والله ما آسى عليهم، ولكن آسى على من أهلكوا". وبالجملة: فالمتكلم بهذا يحمل على الجهل، فينبغي أن يعرف بخطئه، ويبين له برفق ولين، فإن رجح وأقر فهو المطلوب، والحق ضالة المسلم أينما وجده تبعه، وإن أبى إلا المكابرة والتعصب لصحة ما قاله والمثابرة، فيجب حينئذ على من عنده علم أن يقوم لله تعالى،