المأمور، وتركوا المحظور؛ فإن هذا الرضوان وهذا الجزاء إنما ينال بذلك.
وحينئذ: فيكون ذهاب الرجس عنهم، وتطهيرهم من الذنوب، بعض صفاتهم، فما دعا به النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الكساء هو بعض ما وصف الله به السابقين الأولين; دعا لغير أهل الكساء أن يصلي الله عليهم، ودعا لأقوام كثيرين بالجنة والمغفرة، وغير ذلك مما هو أعظم من الدعاء بذلك. ولا يلزم أن يكون من دعا له بذلك أن يكون أفضل من السابقين الأولين; ولكن أهل الكساء، لما أوجب عليهم اجتناب الرجس وفعل التطهير، دعا النبي صلى الله عليه وسلم لهم بأن يعينهم على فعل ما أمرهم به، لئلا يكونوا مستحقين للذم والعقاب، ولينالوا المدح والثواب.
والآية ليس فيها إخبار بطهارة أهل البيت، وذهاب الرجس عنهم، وإنما فيها الأمر لهم بما يوجب طهارتهم، وذهاب الرجس عنهم. فإن قوله:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً [سورة الأحزاب آية: ٣٣] كقوله: {َما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ}[سورة المائدة آية: ٦] ، وقوله:{يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}[سورة النساء آية: ٢٦] .
والإرادة هنا متضمنة الأمر والمحبة والرضى، ليست هي المشيئة المستلزمة لوقوع المراد ; فإنه لو كان كذلك لكان