وكذلك ظن من ظن ممن لم يقدر القرآن حق قدره، أنه غير كاف ولا شاف، ولا هاد في معرفة التوحيد، والأسماء والصفات، وما يجب لله وما ينزه عنه; بل الكافي في ذلك عقول المتهوسين الحيارى، الذين كلامهم قد خالف صريح القرآن مخالفة ظاهرة; وهؤلاء من أغلظ الناس حجابا عن فهم كتاب الله.
وقال الشيخ محمد: قال شيخ الإسلام، رحمه الله: قوله: {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ}[سورة النساء آية: ٣٦-٣٧] بكل ما ينفع في الدين والدنيا، من مال أو علم أو غير ذلك، فالبخل بالعلم الذي يمنعه المختال، إما يختال فلا يطلبه، وإما يختال على بعض الناس فلا يبذله; وهذا كثيرا ما يقع، وضده التواضع في طلبه والكرم ببذله.
سئل الشيخ: عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن، رحمه الله تعالى، عن قوله تعالى:{يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ}[سورة الممتحنة آية: ٨] الآية.
فأجاب:
الذي يظهر أن هذا إخبار من الله جل ذكره لعباده المؤمنين، بأنه لم ينههم عن البر والعدل والإنصاف، ومعاملة أي كافر كان من أهل الملل إذا كان لم يقاتلهم في الدين ولم يخرجهم من ديارهم، إذ العدل والإحسان والإنصاف مطلوب محبوب شرعا; ولذا علل هذا الحكم بقوله:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}[سورة الممتحنة آية: ٨] .