يعني أنهم لما رجعوا إلى قومهم قالوا لهم هذا وقوله:{عَجَبًا} أي: بليغا في لفظه ومعناه. {أَنَّهُ اسْتَمَعَ} بالفتح لأنه نائب فاعل أوحى، و {إِنَّا سَمِعْنَا} بالكسر لأنه محكي بعد القول; وقوله: {يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ} أي: إلى الصواب وقيل: إلى التوحيد. {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَداً}[سورة الجن آية: ٣] يقول: تعالى جلال الله وعظمته وغناه، عن اتخاذ الصاحبة والولد; وذلك أنهم لما سمعوا القرآن، فهموا التوحيد وتنبهوا على الخطأ، في عدم تنْزيه الله عما لا يليق به، فاستعظموا ذلك ونزهوه عنه. وقوله:{وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً}[سورة الجن آية: ٤] : سفيههم: إبليس، قاله مجاهد، وقيل: هو أو غيره من مردة الجن، والشطط مجاوزة الحد في الظلم أو غيره.
وقوله:{وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً}[سورة الجن آية: ٥] يعني: أن في ظننا أن أحدا من الثقلين لن يفترى على الله ما ليس بحق، فلسنا نصدقهم فيما أضافوا إليه من ذلك; فلما سمعنا القرآن، تبين لنا افتراؤهم. {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً}[سورة الجن آية: ٦] ومعنى هذا: أن الرجل من العرب كان إذا أمسى في واد قفر، وخاف، قال: أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه، يريد الجن وكبيرهم. فلما سمع