فإذا بلغ الإنسان إلى غاية لا يعرف قلبه المعروف، ولا ينكر المنكر، فلا خير فيه؛ لكن هذا الواجب يختلف باختلاف درجات أهله ومنازلهم.. فعلى العلماء من واجب التبليغ والنصيحة وبذلها والقيام بواجبها ما ليس على غيرهم، فإن الله أخذ عليهم الميثاق ليبيننه للناس ولا يكتمونه، وأخذ عليهم أن لا يقولوا عليه إلا الحق.
وعلى أهل الحسبة- وهم النواب- من الحق الواجب من القيام بما في رقابهم ما ليس على آحاد الناس؛ فإنهم مسؤولون أمام الله يوم القيامة عما استرعاهم عليه وأسند إليهم؛ والعذر منتف، والحجة قائمة، لأن الولاية بحمد الله مساعدة على حسب الحال.
وعلى أئمة المساجد والمؤذنين ما ليس على غيرهم، من تفقد جماعتهم، وإرشادهم وتعليمهم، والقيام على المتخلف منهم، ورفع أمره إلى أهل الحسبة؛ فإن الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن.
ومن لم يقم بهذه الوظيفة على وجهها، فليتق الله وليعاف المسلمين من شره، فإن بقاءه على هذه الحالة نقص ظاهر عليه وعلى جماعته؛ كما أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على كل أحد بحسبه، والرجل مسؤول عن أهل بيته ومن تحت يده، ومسؤول عن جاره.