فمن قاس هذا على غناء القوم، فقياسه من جنس قياس الربا على البيع، والميتة على المذكاة، والتحليل الملعون فاعله، على النكاح الذي هو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإذا كان هذا كلام ابن القيم في غناء أهل عصره، فكيف بغناء هذا العصر الذي يذاع، ويسمع الرجال والنساء، والخاص والعام فيما شاء الله من البلاد؟ ! فتعم مضرتة، وتنتشر الفتنة به، ولا شك أن هذا أشد إثما وأعظم مضرة.
وأما الأحاديث: فمنها، ما رواه الترمذي وحسنه، عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين، صوت عند نغمة لهو ولعب، ومزامير شيطان، وصوت عند مصيبة، خمش وجوه، وشق جيوب، ورنة" ١.
قال ابن القيم رحمه الله، بعد هذا الحديث: فانظر إلى هذا النهي المؤكد، بتسمية صوت الغناء صوتا أحمق، ولم يقتصر على ذلك حتى وصفه بالفجور، ولم يقتصر على ذلك، حتى سماه من مزامير الشيطان.
وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر على تسميته الغناء مزمور الشيطان، في الحديث الصحيح؛ فإن لم يستفد التحريم من هذا، لم نستفده من نهي أبدا.