يجعل الواحدة منهن تكاد تهيم على وجهها، باحثة منقبة عمن يبادلها الآهات والأنات، والمغازلات، وما وراء ذلك، والعياذ بالله.
أقول هذا- ولم تسمع أذني غناء قط والحمد لله، كفى الله العباد والبلاد شر هذا الغناء- وأعوذ بالله أن يقول مسلم بإباحة ما يحرض على الزنى ويدعو إليه، وأعتقد أن سماع صوت المغنيات، الباعث إلى هذا الفحش، لا يجرُؤ مسلم على أي مذهب، بأن يقول بإباحته.
فلا يجوز لمن يتولى الحكم على أفعال المكلفين، بالإباحة والحرمة، إلا أن ينظر في ذلك، نظر تأنٍ وحكمة، لينفذ بثاقب فكره إلى الأعماق منها، بتأمل الأدلة الشرعية، المفيدة حكم التحريم والإباحة، ثم بعد ذلك يحكم.
أما ما أورده أبو تراب من الأحاديث الدالة على منع الغناء، وطعنه في أسانيدها، وأنها غير صالحة للاحتجاج بها, فقد سلك في هذا مسلك ابن حزم، ورد عليه أئمة هذا الشأن وخطؤوه.
كقوله فيما رواه الإمام البخاري في صحيحه، حيث قال: قال هشام بن عمار، حدثنا صدقة بن خالد، وساق بسنده إلى أبي عامر، وأبي مالك رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ليكونن أقوام من أمتي، يستحلون الحر، والحرير، والخمر، والمعازف" بأن هذا حديث منقطع، لا يصح الاحتجاج به.