للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرح، كالعرس والعيد، وعند التنشيط على الأعمال الشاقة، كما كان في حفر الخندق، وحدو الحبشة، وسلمة بن الأكوع.

فأما ما ابتدعته الصوفية اليوم، من الإدمان على سماع الأغاني بالآلات المطربة من الشبابات، والطار، والمعازف، والأوتار، فحرام. انتهى كلامه. وهذا الذي قاله القرطبي كلام حسن، وبه تجتمع الآثار الواردة في هذا الباب.

ومن ذلك: ما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها، قالت: "دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش وحول وجهه، ودخل أبو بكر رضي الله عنه فانتهرني، وقال: مزمار الشيطان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: دعهما. فلما غفل غمزتهما فخرجتا" ١.

وفي رواية لمسلم: فقال رسول الله: "يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا، وهذا عيدنا" ٢، وفي رواية له أخرى، فقال صلى الله عليه وسلم "دعهما يا أبا بكر، فإنها أيام عيد" ٣، وفي بعض رواياته أيضا: "جاريتان تلعبان بدف" ٤.

فهذا الحديث الجليل يستفاد منه: أن كراهة الغناء وإنكاره، وتسميته مزمار الشيطان: أمر معروف مستقر عند الصحابة رضي الله عنهم، ولهذا أنكر الصديق على عائشة غناء الجاريتين عندها، وسماه مزمار الشيطان.

ولم ينكر عليه النبي فيه تلك التسمية، ولم يقل له إن


١ البخاري: الجمعة (٩٥٠) , ومسلم: صلاة العيدين (٨٩٢) .
٢ البخاري: الجمعة (٩٥٢) , ومسلم: صلاة العيدين (٨٩٢) , وابن ماجه: النكاح (١٨٩٨) , وأحمد (٦/٩٩ ,٦/١٣٤ ,٦/١٨٦) .
٣ البخاري: الجمعة (٩٨٨) , ومسلم: صلاة العيدين (٨٩٢) , والنسائي: صلاة العيدين (١٥٩٧) , وأحمد (٦/٨٤) .
٤ مسلم: صلاة العيدين (٨٩٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>