عرس، وعندهم غناء، فقلت لهم: هذا وأنتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنه رخص لنا في الغناء في العرس، والبكاء على الميت من غير نوح".
فهذا الحديث ليس فيه حجة على جواز الغناء مطلقا، وإنما يدل على جوازه في العرس لإعلان النكاح؛ ومن تأمل هذا الحديث عرف أنه دليل على منع الغناء لا على جوازه.
فإنه صلى الله عليه وسلم لما رخص لهم فيه في العرس لحكمة معلومة، دل على منعه فيما سواه، إلا بدليل خاص، كما أن الرخصة للمسافر في قصر الرباعية، يدل على منع غيره من ذلك، وهكذا الرخصة للحائض والنفساء، في ترك طواف الوداع، يدل على منع غيرها من ذلك، والأمثلة لهذا كثيرة.
وأيضا: فإنكار عامر بن سعد، على هؤلاء الصحابة الغناء، وإقرارهم له على ذلك، دليل على أن كراهة الغناء، والمنع منه، أمر قد استقر عند الصحابة والتابعين، وعرفوه عن النبي صلى الله عليه وسلم والله المستعان.
قال العلامة بن القيم، رحمة الله عليه، في كتابه. "إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان" ما نصه:
ومن مكائد عدو الله ومصائده، التي كاد بها من قل نصيبه من العلم والعقل والدين، وصاد بها قلوب الجاهلين والمبطلين: سماع المكاء والتصدية والغناء بالآلات المحرمة