للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تعارض بين تفسير لهو الحديث بالغناء، وتفسيره بأخبار الأعاجم وسلوكها، وملوك الروم، ونحو ذلك، مما كان النضر بن الحارث يحدث به أهل مكة يشغلهم به عن القرآن، فكلاهما: لهو الحديث.

ولهذا قال "ابن عباس: لهو الحديث: الباطل والغناء"، فمن الصحابة من ذكر هذا، ومنهم من ذكر الآخر، ومنهم من جمعهما. والغناء أشد لهوا، وأعظم ضررا، من أحاديث الملوك وأخبارهم، فإنه رقية الزنى، ومثبت النفاق، وشرك الشيطان، وخمرة العقل، وصده عن القرآن أعظم من صد غيره من الكلام الباطل، لشدة ميل النفوس إليه، ورغبتها فيه.

إذا عرف هذا، فأهل الغناء ومستمعوه لهم نصيب من هذا الذم، بحسب اشتغالهم بالغناء عن القرآن، وإن لم ينالوا جميعه، فإن الآيات تضمنت ذم من استبدل لهو الحديث كما بالقرآن، ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا.

وإذا يتلى عليه القرآن، ولى مستكبرا كأن لم يسمعه، كأن في أذنيه وقرا، وهو الثقل والصمم، وإذا علم منه شيئا استهزأ به، فمجموع هذا لا يقع إلا من أعظم الناس كفرا؛ وإن وقع بعضه للمغنين ومستمعيهم، فلهم حصة ونصيب من هذا الذم.

يوضحه: أنك لا تجد أحدا، عني بالغناء وسماع

<<  <  ج: ص:  >  >>