الزور، بكل منكر؛ ولا منافاة بين التفاسير، ومدلول الآيتين يعم ذلك كله.
ولا ريب أن الأغاني والملاهي من أقبح الزور، ومن أخبث أصوات الشيطان، لما يترتب عليها من قسوة القلوب، وصدها عن ذكر الله وعن القرآن، بل وعن جميع الطاعات إلا من عصم الله، كما سلف بيان ذلك.
وأما الأحاديث الواردة في ذم الأغاني والملاهي، فكثيرة؛ وأصحها ما رواه البخاري في صحيحه، حيث قال: وقال هشام بن عمار، حدثنا صدقة بن خالد، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، حدثنا عطية بن قيس الكلابي حدثني عبد الرحمن بن غنم الأشعري، قال حدثني أبو عامر، أو أبو مالك الأشعري، والله ما كذبني، سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير، والخمر والمعازف".
وهو صريح في ذم مستحلي المعازف، حيث قرنهم مع مستحلي الزنى والخمر والحرير، وحجة ظاهرة في تحريم استعمال المعازف، وهي آلات الملاهي، كالطنبور، والعود، والطبل، وغير ذلك من آلات الملاهي.
وقد أجمع أهل اللغة على تفسير المعازف بآلات الملاهي، وما ذاك إلا لما يترتب عليها من قسوة القلوب ومرضها، واشتغالها عن الصلاة والقرآن، وإذا انضم إليه الغناء، صار الإثم أكبر، والفساد أعظم، كما سيأتي كلام