هما أداة الفسق والعصيان دينا يتقربون به إلى الملك الديان.
والطائفة الثانية: اتخذوا الغناء والملاهي لهوا ولعبا، وترويحا عن النفوس، وتسليا بذلك عن مشاغل الدنيا وأتعابها؛ وهم مخطئون في ذلك، وعلى خطر عظيم من الضلال والإضلال.
ولكنهم أخف من الطائفة الأولى، لكونهم لم يتخذوا ذلك دينا وعبادة؛ وإنما اتخذوه لهوا ولعبا وتجميما للنفوس. وقد صرح أهل العلم بتحريم هذا وهذا، وإنكار هذا وهذا.
ثم قال العلامة ابن القيم، رحمة الله عليه، بعدما نقل كلام الطرطوشي المتقدم، ما نصه:
قلت: مذهب أبي حنيفة في ذلك من أشد المذاهب، وقوله فيه أغلظ الأقوال، وقد صرح أصحابه بتحريم سماع الملاهي كلها، كالمزمار، والدف، حتى الضرب بالقضيب، وصرحوا بأنه معصية توجب الفسق وترد به الشهادة.
وأبلغ من ذلك: أنهم قالوا إن السماع فسق، والتلذذ به كفر. هذا لفظهم، ورووا في ذلك حديثا لا يصح رفعه، قالوا: ويجب عليه أن يجتهد في أن لا يسمعه إذا مر به، أو كان في جواره.
وقال أبو يوسف في دار يسمع منها صوت المعازف والملاهي: ادخل عليهم بغير إذنهم، لأن النهي عن المنكر