ذلك فقد أبعد النجعة، وخالف ما دلت عليه هذه الأحاديث من النهي عن القيام للداخل ونحوه، على وجه التعظيم والاحترام.
وقد رد ابن القيم رحمه الله تعالى على من قال بهذا القول، فقال في تهذيب السنن، على قول المنذري: وقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي الزبير رضي الله عنه أنهم لما صلوا خلفه صلى الله عليه وسلم قياما وهو قاعد، فأشار إليهم فقعدوا، فلما سلم قال:"إن كدتم آنفا لتفعلون فعل فارس والروم، يقومون على ملوكهم وهم قعود، فلا تفعلوا" ١.
قال ابن القيم، رحمه الله تعالى: حمل أحاديث النهي - يعني حديث معاوية، وحديث أبي أمامة - على مثل هذه الصورة ممتنع، فإن سياقها يدل على خلافه، وأنه صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن القيام له إذا خرج عليهم.
ولأن العرب لم يكونوا يعرفون هذا، وإنما هو من فعل فارس والروم، ولأن هذا لا يقال له قيام للرجل، إنما هو قيام عليه، ففرق بين القيام للشخص المنهي عنه، والقيام عليه، المشبه لفعل فارس والروم، والقيام إليه عند قدومه الذي هو سنة العرب، وأحاديث الجواز تدل عليه فقط، انتهى.
١ مسلم: الصلاة (٤١٣) , والنسائي: السهو (١٢٠٠) , وابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها (١٢٤٠) , وأحمد (٣/٣٣٤) .