للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قولكم في هذه القلة التي هي نفسها لا تفعل شيئا سوى نقل النصوص الفقهية، فاعلم أن النصوص الفقهية المستمدة من الكتاب والسنة، هي من أفضل ما اشتغل بها، وصرفت الأنفاس في تفهمها. والتفقه أمر مفروض على هذه الأمة، كما قال تعالى: {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} [سورة التوبة آية: ١٢٢] ، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين" ١.

وأما قولكم: إن هذه القلة لا تأتي بجديد، فهذا الوصف هو الذي جعلهم بهذه المنْزلة الرفيعة، وهو الذي جبل القلوب على مودتهم، واعتماد أقوالهم؛ ولو كانوا يأتون بجديد لم تأت به الشريعة، لضرب بأقوالهم عرض الحائط، ووجب الرد عليهم، ودخلوا تحت قوله صلى الله عليه وسلم "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" ٢. وأما قولكم: بأن هذه النصوص الفقهية مضى عليها مئات السنين، فيفهم منه: أن هذا نقص فيها، وهذا في الحقيقة يدل على الكمال التام; فإن مرور مئات السنين عليها، دليل على صلاحيتها وحسنها، وأنه لا يستطيع أحد نقضها، ولا الاعتراض عليها جملة؛ وإن قدر وجود أخطاء قليلة، فهذا شيء لا يقدح فيها، ولا في أهلها، لأن العصمة لا تكون إلا للأنبياء.


١ البخاري: العلم (٧١) , ومسلم: الزكاة (١٠٣٧) , وابن ماجه: المقدمة (٢٢١) , وأحمد (٤/٩٣ ,٤/٩٨) , ومالك: الجامع (١٦٦٧) , والدارمي: المقدمة (٢٢٤ ,٢٢٦) .
٢ البخاري: الصلح (٢٦٩٧) , ومسلم: الأقضية (١٧١٨) , وأبو داود: السنة (٤٦٠٦) , وابن ماجه: المقدمة (١٤) , وأحمد (٦/٢٤٠ ,٦/٢٧٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>