للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [سورة البقرة آية: ٢٢٣] الآية فهو فاعل، وهي مفعول به؛ وهو زارع، وهي حقل زراعة، تبذر فيه النطفة كما يبذر الحب في الأرض، وهذا محسوس لا يمكن إنكاره، لأن الازدراع مع الرجل.

فلو أرادت المرأة أن تجامعه لتعلق منه بحمل وهو كاره، فإنها لا تقدر على ذلك، وينتشر إليها; بخلافه، فإنه قد يحبلها وهي كارهة، كما قال أبو كبير الهذلي في ربيبه: تأبط شرا ١.

ممن حملن به وهن عواقد ... حبك النطاق فشب غير مهبل

حملت به في ليلة مزءودة ... كرها وعقد نطاقها لم يحلل

ومن أجل هذا جعل الله الطلاق بيده، لأن إرغام الزارع على الازدراع في حقل لا يريده، مخالف للحكمة; ولأجل ذلك الاختلاف الطبيعي، قال الله تعالى: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى} [سورة النجم آية: ٢١-٢٢] .

فلو كانت الأنثى معادلة للذكر في الكمال الطبيعي، لكانت تلك القسمة في نفسها غير ضيزى، لأن قسمة الشيء إلى متساويين، ليست في ذات نفسها ضيزى، وإن كان


١ وانظر صفحة ١٩٤ , ج٨ من خزانة الأدب وما بعدها إن شئت.

<<  <  ج: ص:  >  >>