وأما جهلة الأطباء، فينكرون صرع الأرواح، ولا يقرون بأنها تؤثر في بدن المصروع، وليس معهم إلا الجهل، وإلا فليس في الصناعة الطبية ما يدفع ذلك، والحسد والوجود شاهدان به، وإحالتهم ذلك على علية بعض الأخلاط، هو صدق في بعض أقسامه لا في كلها. وقدماء الأطباء يسمون هذا الصرع:"المرض الإلهي" وقالوا من الأروح.
وقال في الإقناع وشرحه: والمشهور أن للجن قدرة على النفوذ في بواطن البشر، لقوله عليه الصلاة والسلام:"إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم" ١.
وكان الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله إذا أوتي بالمصروع وعظ من صرعه، وأمره ونهاه؛ فإن انتهى وفارق المصروع، أخذ عليه العهد أن لا يعود، وإن لم يأتمر، ولم ينته، ولم يفارقه، ضربه حتى يفارقه. والضرب في الظاهر يقع على المصروع، وإنما يقع في الحقيقة على من صرعه؛ ولهذا يتألم من صرعه به ويصيح، ويخبر المصروع إذا أفاق بأنه لم يشعر بشيء من ذلك. ولو تتبعنا أقوال العلماء في هذا لكثر جدا.
أما حكم منكر الجن فإنهم مكذبون للقرآن العزيز والسنة النبوية، ومخالفون لما أجمع عليه المسلمون، كما قال تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ
١ البخاري: الاعتكاف (٢٠٣٩) , ومسلم: السلام (٢١٧٥) , وأبو داود: الصوم (٢٤٧٠) والأدب (٤٩٩٤) , وابن ماجه: الصيام (١٧٧٩) , وأحمد (٦/٣٣٧) .