والطمأنينة، وهذا يحصل فعلا بدفعهم من عرفات إلى مزدلفة، وكالنفر الأول من منى إلى مكة، ولا يحصل إلا الخير. ومع هذا، فإن الخطباء لم يقرروا وجوب الخروج في اليوم الثامن؛ بل لو خرج الحجيج قبله أو بعده إلى عرفات، جاز. والمبيت بمنى الليلة التاسعة، سنّة بغير خلاف. ثم لو لم يأت عرفة إلا ليلة النحر قبل طلوع الفجر، صح حجه.
ثم قال الأخ صالح: ولم يكن الحج عند إصدار هذه التشريعات، بهذه الكثرة، وبهذه الوسائل؛ فكيف لو شاهد واحد منهم هذا الذي يلقاه الحجاج الآن؟ مما يجعل إلزام الحاج، بأن يحجوا كما حج الرسول صلى الله عليه وسلم أمرا يكاد يكون مستحيلا. فهل الكثرة وتلك الوسائل المريحة، تكون سببا لتغيير الأحكام الشرعية؟! بل إن هذه الأزمنة، أسهل وأيسر في حق الحجاج من الزمن الأول، لعدم توفر المياه في ذلك الوقت، ولصعوبة المسالك، ولحاجتهم الشديدة إلى نقل كل ما يحتاجونه من ماء وغيره، لبعد المسافات على الرواحل، ولعدم وجود ما يحتاجونه من الأطعمة في عرفات ومزدلفة ومنى؛ والذين حجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم بلغ عددهم مائة وأربعة وعشرين ألفا.