باللين فقط، ولا أنها جاءت بالشدة فقط؛ بل هي شريعة حكيمة كاملة، صالحة لكل زمان ومكان، ولإصلاح كل أمة؛ ولذلك جاءت بالأمرين معا، واتسمت بالعدل والحكمة والسماح. فهي شريعة سمحة، ليسر أحكامها، وعدم تكليفها ما لا يطاق، ولأنها تبدأ في دعوتها باللين، والحكمة، والرفق؛ فإذا لم يؤثر ذلك، وتجاوز الإنسان حده، وطغى، وبغى، أخذته بالقوة والشدة، وعاملته بما يردعه، ويعرفه سوء عمله.
ومن تأمل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة خلفائه الراشدين، وصحابته المرضيين، وأئمة الهدى بعدهم، عرف صحة ما ذكرناه. ١
ومما ورد في اللين قوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ
١ من ذلك: ما أرشد إليه نبيه صلى الله عليه وسلم في معاملة من أراد التحاكم إلى الطاغوت مع دعواه الإسلام, فقال تعالى, في حقه في سورة النساء [٦٣] : وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا وكل من دعا إلى نبذ مبادئ الإسلام, وهو في صف المسلمين, فينبغي أن يعامل معاملة تردعه هو وأمثاله, وإلا تجرأ الفسقة والمارقون; والمسئول عن هذا المقام: الإمام الأعظم ونوابه.