وذكر البغوي رحمه الله، عند تفسيرها قريبا من ذلك، وقال: أصل الزور تحسين الشيء، ووصفه بخلاف صفته، فهو تمويه الباطل بما يوهم أنه حق، وهذا هو الواقع من أهل الباطل.
فإنهم يحسّنون المنكرات، بوصفها بغير حقيقتها، حتى يرغب فيها الناس، وحتى لا ينفروا منها؛ فيكون على فاعل ذلك إثم ما عمل، وإثم الدعوة إليه، وأعظم من ذلك، الدعوة إليها بالقول.
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا. ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا" ١. والأدلة في هذا المعنى كثيرة.
وقول الكاتب: وقد سرني أن علماءنا الأفاضل قد استنكروا هذا التجاوز منهم، ونهوهم عنه ... إلخ. فيه نظر.
وقد سبق لك أن الإخوان كانوا في دعوتهم، وإنكارهم للمنكر، يتحرون الطريقة الشرعية، ويعاملون الناس بالرفق والحكمة، ولا نعلم أنهم تعاطوا من الشدة والقسوة ما يوجب إنكار العلماء عليهم.
فلا أدري عن أي مصدر وصل هذا الخبر إلى الكاتب.
١ مسلم: العلم (٢٦٧٤) , والترمذي: العلم (٢٦٧٤) , وأبو داود: السنة (٤٦٠٩) , وأحمد (٢/٣٩٧) , والدارمي: المقدمة (٥١٣) .