ما دمنا قد عرفنا هذا كله، ولمسناه، وتأكدنا فوائده، وعدم معارضته للدين، فلماذا يحاربه هؤلاء الطيبون المخدوعون؟ ولماذا يسافرون من بلد إلى آخر، لاستنكاره ومحاولة عدم استعماله؟ ... إلخ. لا ريب أن من قرأ هذا الكلام، وضم بعضه إلى بعض، يفهم منه أن الإخوان الذين انتصب الكاتب لنقدهم، ينكرون هذه المستحدثات الجديدة، من السيارات، والطائرات، واللاسلكي، وأشباه ذلك.
ومعلوم قطعا أن الإخوان الذين أشرنا إليهم، لا ينكرون شيئا من ذلك، ولا يعيبونه، بل هم أنفسهم يستعملون ذلك، فينتقلون في السيارات، ويركبون الطائرات، ويستعملون اللاسلكي، فما الذي دعا الكاتب إلى الوقوع في هذه الفرية الكبيرة؟ والزلة الشنيعة؟!! أترك الجواب للقراء وأسأل الله سبحانه وتعالى: أن يعصمنا من الهوى، وخطوات الشيطان. وأما سفرهم إلى البلدان للدعوة والتوجيه، فهو أمر يستحقون عليه الثناء والشكر، وليس محلا للاستنكار والاستغراب; نعم هو حقيق بالاستغراب، بالنسبة إلى تخلف أكثر الناس عن هذه المهمة الشريفة، التي هي طريقة الرسل وأتباعهم، وليس هو محلا للاستغراب الذي ينتج عنه الاستنكار، والتشنيع والظن السيئ.