فأرسل للقاضي بكار رسولا، وطلب منه خلع الخليفة الموفق بن المتوكل، فامتنع القاضي بكار من ذلك، وقال: هذا مخالف لكتاب الله وسنة رسوله.
فغضب أحمد بن طولون على القاضي بكار; ويقال إنه أحضره أمامه، ومزق ثيابه، وبعد ذلك أصر بسجنه. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل حرض عليه بعض بطانته، فادعى عليه بمظالم كذبا وزورا، وكان يحضره أمامه من السجن في حالة لا تناسب الأدب، حتى إذا انتهى التحقيق من المظالم المزعومة، أعاده إلى السجن مرة ثانية، وقد منعه من أداء صلاة الجمعة. فيقول القاضي بكار: اللهم اشهد.
فأرسل إليه ابن طولون من يقول له: كيف رأيت المغلوب المقهور، لا أمر له ولا نهي، ولا تصرف له في نفسه؟! ومع كل هذه المحن التي رآها القاضي بكار، لم يمنعه من قراءته الحديث الشريف، وهو في السجن، على تلاميذه الذين يستمعون من خارج السجن.
ومكث القاضي بكار في السجن على هذه الحالة، حتى مرض ابن طولون مرض الموت، فأرسل إليه يستسمحه، فقال للرسول: قل له: أنا شيخ كبير، وأنت عليل مدنف، والملتقى قريب، والله يحكم بيننا وهو خير الحاكمين. ولم تمض أيام حتى مات ابن طولون، وخرج