لو رجعوا إليهم واستشاروهم، لوجدوا منهم فتح المجالات الرحبة، في تنظيم شؤون الحياة، والسياسة والحرب، على ضوء الكتاب والسنة، ولوجدوا صورا حية من صور البطولة المعنوية، وتنظيما ساميا في الاقتصاد والتجارة، والعلم، على اختلاف أشكاله، تنظيما محكما صالحا لكل عصر، لا يتطرق إليه الفشل، لأنه مستمد من وحي الله الذي يعلم ما كان وما سيكون، وليس مستمدا من رأي مخلوق، لأن رأي البشر قاصر، ومعرض للخطأ. وكان الصحابة رضي الله عنهم يناقشون الآراء، لأنهم يعرفون أنها قد تصيب وقد تكون خاطئة، ولكنهم لا يناقشون الوحي الذي يأتي من السماء، كما لا يناقشون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه كما قال تعالى:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}[سورة النجم آية: ٤-٣] ؛ وكانوا: لا يناقشون الوحي، لأنهم يعرفون يقينا إصابته ولا بد، وإن لم يوافق ما يرون، لأن العقول لا تدرك إلا ما تراه، وإدراكها لما ترى إدراك ناقص أيضا. وبفضل تمسك الصحابة بكتاب الله وسنة رسوله، تمت لهم ولمن سار على هديهم السيادة على العالم، وبلوغ الذروة في العلم والمجد