الشفاعة كلها لله، كما قال تعالى:{قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً}[سورة الزمر آية: ٤٤] ؛ فلا يشفع عنده أحد إلا بإذنه، كما قال تعالى:{مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ}[سورة البقرة آية: ٢٥٥] . وقال تعالى:{يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً} ، [سورة طه آية: ١٠٩] ، وهو سبحانه لا يرضى إلا التوحيد، كما قال تعالى:{وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّّّّ لِمَنِ ارْتَضَى}[سورة الأنبياء آية: ٢٨] . وقال تعالى:{قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ}[سورة سبأ الآيتان: ٢٢-٢٣] .
فالشفاعة حق، ولا تطلب في دار الدنيا إلا من الله تعالى كما قال تعالى:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً}[سورة الجن آية: ١٨] . وقال:{وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ}[سورة يونس آية: ١٠٦] . فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم وهو سيد الشفعاء، وصاحب المقام المحمود، وآدم فمن دونه تحت لوائه، لا يشفع إلا بإذن الله، لا يشفع ابتداء، بل:" يأتي فيخر ساجدا فيحمده بمحامد يعلمه إياها، ثم يقال: ارفع رأسك، وقل يسمع، وسل تعط، واشفع تشفع. ثم يحد له حدا فيدخلهم الجنة " ١ فكيف بغيره من الأنبياء، والأولياء؟!
وهذا الذي ذكرناه لا يخالف فيه أحد من علماء المسلمين، بل قد أجمع عليه السلف الصالح، من الصحابة
١ البخاري: تفسير القرآن (٤٤٧٦) , ومسلم: الإيمان (١٩٣) , وابن ماجه: الزهد (٤٣١٢) , وأحمد (٣/٢٤٧) , والدارمي: المقدمة (٥٢) .