للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنا أبين لكم هذا بمسألة القبلة: أن النبي صلى الله عليه وسلم وأمته يصلون، والنصارى يصلون; لكن قبلته صلى الله عليه وسلم وأمته: بيت الله; وقبلة النصارى: مطلع الشمس؛ فالكل منا يصلي، ولكن اختلفنا في القبلة؛ فلو أن رجلا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم يقر بهذا، ولكن يكره من يستقبل القبلة، ويحب من يستقبل مطلع الشمس، أتظنون أن هذا مسلم؟ وهذا ما نحن فيه، فالنبي صلى الله عليه وسلم بعثه الله بالتوحيد، وأن لا يدعى مع الله أحد، لا نبي، ولا غيره، والنصارى يدعون عيسى رسول الله وأمه; والمشركون يدعون الصالحين، يقولون: ليشفعوا لنا عند الله.

فإذا كان كل مطوع مقرا بالتوحيد، والشرك; فاجعلوا التوحيد مثل القبلة، واجعلوا الشرك مثل استقبال المشرق; مع أن هذا أعظم من القبلة; وأنا أنصحكم لله، وأنخاكم ١ لا تضيعوا حظكم من الله، وتحبوا دين النصارى على دين نبيكم، فما ظنكم بمن واجه الله، وهو يعلم من قلبه أنه عرف أن التوحيد دينه، ودين رسوله، وهو يبغضه، ويبغض من اتبعه، ويعرف أن دعوة غيره هو الشرك، ويحبه، ويحب من اتبعه؟ أتظنون أن الله يغفر لهذا؟! والنصيحة لمن خاف عذاب الآخرة، وأما القلب الخالي من ذلك، فلا حيلة فيه، والسلام.


١ أي: أذكى فيكم النخوة, والعصبية لدينكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>