ربكم، كما ترون القمر ليلة البدر، لا تضامون في رؤيته "١.
وكذلك ثبت ذلك في أحاديث متعددة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما الإجماع، فقد أجمع أهل السنة والجماعة على ذلك، وقد حكى الإجماع غير واحد من العلماء؛ والخلاف الذي وقع بين الصحابة في رؤية محمد صلى الله عليه وسلم ربه، إنما ذلك رؤيته في الدنيا، فابن عباس وغيره أثبتها، وعائشة تنفيها، والله أعلم.
[جواب الشيخ عبد الله عن رجلين تنازعا في تكليم الله لموسى]
سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد، رحمهما الله، عن رجلين تنازعا، فقال أحدهما: إن الله كلم موسى تكليما، وسمعته أذناه، ووعاه قلبه، وإن الله كتب التوراة بيده، وناولها من يده إلى يده، وقال الآخر: إن الله كلم موسى بواسطة، وإن الله لم يكتب التوراة بيده، ولم يناولها من يده إلى يده.
فأجاب: القائل إن الله كلم موسى تكليما، كما أخبر في كتابه، فمصيب؛ وأما الذي قال: كلم موسى بواسطة، فهذا ضال مخطئ، بل نص الأئمة على أن من قال ذلك فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، فإن هذا إنكار لما قد علم بالاضطرار من دين الإسلام، ولما ثبت بالكتاب والسنة والإجماع، قال تعالى:{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}[سورة الشورى آية: ٥١] الآية ففرق بين تكليمه من وراء حجاب كما كلم موسى، وبين تكليمه بواسطة كما أوحى إلى غير موسى، قال تعالى:{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ}[سورة النساء آية: ١٦٣] ، إلى قوله:{وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً}[سورة النساء آية: ١٦٤] .