وأن طريقة الخلف هي استخراج معانى النصوص المصروفة عن حقائقها، بأنواع المجازات وغرائب اللغات.
فهذا الظن الفاسد أوجب تلك المقالة التي مضمونها نبذ الإسلام وراء الظهر، وقد كذبوا على طريقة السلف، وضلوا في تصويب طريقة الخلف، فجمعوا بين الجهل بطريقة السلف في الكذب عليهم، وبين الجهل والضلال بتصويب طريقة الخلف، وسبب ذلك اعتقادهم أنه ليس في نفس الأمر صفة دلت عليها هذه النصوص، بالشبهات الفاسدة التي شاركوا فيها أهل الجهل والضلال، من الجهمية والمعتزلة والرافضة، ومن سلك سبيلهم من الضالين، فلما اعتقدوا انتفاء الصفات في نفس الأمر، وكان مع ذلك لا بد للنصوص من معنى، بقوا مترددين بين الإيمان باللفظ وتفويض المعنى، وهي التي يسمونها طريقة السلف، وبين صرف اللفظ إلى معان بنوع تكلف؛ وصار هذا الباطل مركبا من فساد العقل والكفر بالسمع؛ فإن النفي إنما اعتمدوا فيه على أمور عقلية، ظنوها بينات وبراهين قاطعات، وهي شبهات وضلالات متناقضات، والسمع حرفوا فيه الكلم عن مواضعه.
فلما انبنى أمرهم على هاتين المقدمتين الكاذبتين الكفريتين، كانت النتيجة استجهال السابقين الأولين والتابعين لهم بإحسان، واستبلاههم، واعتقاد أنهم كانوا قوما