وأقرأ في النفي:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[سورة الشورى آية: ١١]{وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً}[سورة طه آية: ١١٠] . قال: ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي. ويقول الآخر منهم: لقد خضت البحر الخضم، وتركت أهل الإسلام وعلومهم، وخضت في الذي نهوني عنه، والآن إن لم يتداركني ربي برحمته، فالويل لفلان، وها أنا أموت على عقيدة أمي. ويقول الآخر منهم: أكثر الناس شكا عند الموت، أرباب الكلام.
كيف يكون هؤلاء أعلم بالله وآياته، من السابقين الأولين؟ !
ومن تأمل ما ذكرنا علم أن الضلال والتهوك، إنما استولى على كثير من المتأخرين، بسبب نبذهم كتاب الله وراء ظهورهم، وإعراضهم عما بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم من البينات والهدى، وتركهم البحث عن طريق السابقين والتابعين لهم بإحسان، والتماسهم علم معرفة الله ممن لم يعرف الله، بإقراره على نفسه، وشهادة الأمة على ذلك ; وإذا كان كذلك، فهذا كتاب الله من أوله إلى آخره، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أولها إلى آخرها، ثم عامة كلام الصحابة والتابعين، ثم عامة كلام سائر الأمة مملوء بما هو إما نص، وإما ظاهر، في أن الله هو العلي الأعلى، وهو فوق كل شيء، وهو عال على كل شيء، وأنه فوق العرش وأنه فوق السماء.