للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينبغي؛ بل هذه المخلوقات في الجنة، قد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: "ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء"، وقد أخبر الله سبحانه أنه {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [سورة السجدة آية: ١٧] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم "يقول الله عز وجل أعددت لعبادي الصالحين، ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر "١.

فإذا كان نعيم الجنة، وهو خلق من خلق الله تعالى، كذلك، فما الظن بالخالق سبحانه وتعالى؟ وهذه الروح التي في بني آدم، قد علم العاقل اضطراب الناس فيها، وإمساك النصوص عن بيان كيفيتها، أفلا يعتبر العاقل بها عن الكلام في كيفيته تعالى؟ مع أنا نقطع أن الروح في البدن، وأنها تخرج منه، وتعرج إلى السماء، وأنها تسل منه وقت النّزع كما نطقت بذلك النصوص الصحيحة.

وأما القسمان اللذان ينفيان ظاهرها، أعني الذين يقولون: ليس لها في الباطن مدلول هو صفة لله تعالى، وأن الله تعالى لا صفة له ثبوتية، بل صفاته إما سلبية، وإما إضافية، وإما مركبة منهما، ويثبتون بعض الصفات، وهي السبع، أو الثمان، أو الخمس عشرة، على ما قد عرف من مذاهب المتكلمين من الأشعرية وغيرهم، فهؤلاء قسمان: قسم يتأولونها، ويعينون المراد، مثل قولهم: استوى بمعنى: استولى، أو بمعنى: علو المكانة والقدر، أو بمعنى: طهور نوره للعرش، أو بمعنى: انتهاء الخلق إليه، إلى غير


١ البخاري: بدء الخلق (٣٢٤٤) , ومسلم: الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٢٨٢٤) , والترمذي: تفسير القرآن (٣١٩٧) , وابن ماجه: الزهد (٤٣٢٨) , وأحمد (٢/٣١٣ ,٢/٤٣٨ ,٢/٤٦٦ ,٢/٤٩٥) , والدارمي: الرقاق (٢٨٢٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>