عنه مقتصراً على أحدِ الإسنادين، أو يروي أحدَ الحديثين بإسناده الخاص به، لكن، يَزيدُ فيه مِن المتن الآخَرِ ما ليس في الأول.
الرابع: أن يسوقَ الإسناد فَيَعْرِض له عارض، فيقولَ كلاماً مِنْ قِبَل نفسه، فَيَظن بعضُ مَن سَمِعه أن ذلك الكلامَ هو متنُ ذلك الإسناد؛ فيرويه عنه كذلك.
هذه أقسام مُدْرَج الإسناد.
[أقسام المدرج باعتبار المتن]
وأما مُدْرَج المتن: فهو أن يقع في المتن كلامٌ ليس منه. فتارةً يكون في أوّله، وتارةً في أثنائه، وتارةً في آخره، وهو الأكثر؛ لأنه يقع بعطف جملةٍ على جملة، أو بدمْجِ موقوفٍ مِن كلامِ الصحابة، أو مَنْ بَعْدَهم، بمرفوعٍ مِن كلامِ النبي - صلى الله عليه وسلم -، مِن غير فصْلٍ، فهذا هو مُدرج المتن.
[ما يُعرفُ به الإدراج]
ويُدْرَكُ الإدراج بِوُرُوْدِ روايةٍ مُفَصِّلَةٍ للقَدْرِ المُدْرَج فيه، أو بالتنصيص على ذلك مِن الراوي، أو مِنْ بعضِ الأئمة المطَّلعين، [١٥/ أ] أو باستحالةِ كون النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول ذلك.
[المؤلفات في المدرج]
وقد صَنَّفَ الخطيب في المدْرَج كتاباً، ولَخَّصْتُهُ، وزدتُ عليه قدْرَ ما ذَكَر مرتين، أو أكثر، ولله الحمد (١).
(١) اسم كتاب الخطيب هو "الفصْل للوصْل الْمُدرَج في النقْل"، وهو مطبوع، وكتاب ابن حجر هو "تقريب الْمَنْهَج بترتيب الْمُدْرَج"، وهو مفقود، لكنّ الإمام السيوطي (ت ٩١١ هـ)، قد لخّصه في كتابٍ سمّاه "المَدْرَج إلى المُدْرَج"؛ فبَقيَ لنا تلخصُيه هذا محفوظاً، قال في مقدّمتِه: "هَذَا جُزْء لطيف سميته المدرج إِلَى المدرج لخّصتُه مِن (تقريب الْمنْهَج بترتيب المدرج)، لشيخ الْإِسْلَام والحفاظ أبي الْفضل ابن حجر، إِلَّا أَنِّي اقتصرتُ فِيهِ على مُدْرج الْمَتْن دون مُدْرج الْإِسْنَاد؛ لِأَن الْعِنَايَة بتمييز كَلَام الروَاة مِن كَلَام النُّبُوَّة أهمّ، وعوّضتُه مِن مُدرج الْإِسْنَاد زَوَائِدَ مهمّة مِن مدرجات الْمُتُون خَلَى عَنْهَا كِتَابه، وَهِي مسطورة فِي كُتب النُّقّاد، وَالله الْمُوفق".