للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - كذا، فإنه يكون له حُكْم الرفع مِن جهةِ أنَّ الظاهر اطِّلاعُهُ - صلى الله عليه وسلم - على ذلك؛ لِتَوَفُّرِ دواعيهم على سؤاله عن أمور دينهم، ولأن ذلك الزمانَ زمانُ نزولِ الوحي؛ فلا يقع مِن الصحابة فِعْلُ شيء ويستمرّون عليه إلا وهو غيرُ ممنوعِ الفعلِ.

وقد استدل جابر وأبو سعيد رضي الله عنهما على جواز العَزْل بأنهم كانوا يفعلونه والقرآن يَنْزل، ولو كان مما يُنْهَى عنه لَنَهَى عنه القرآن (١).

[الألفاظ الدالة على الرفع حكماً]:

١ - ويَلتحق بقوله "حُكْماً" ما ورد بصيغةِ الكنايةِ في موضعِ الصِّيَغِ الصريحة بالنسبة إليه - صلى الله عليه وسلم -، كقول التابعي عن الصحابي: ((يَرْفع الحديث، أو يَرْويه، [١٨/ ب] أو يَنْمِيه، أو روايةً، أو يَبْلُغُ به، أو رواه)).

٢ - وقد يقتصرون على القول مع حذف القائل. ويُرِيْدُونَ به النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، كقول ابن سيرين عن أبي هريرة قال: قال: (تقاتلون قوماً … )، الحديث (٢)، وفي


(١) أمّا حديث جابر فأخرجه البخاري، ٥٢٠٧، النكاح، ومسلم، ١٤٤٠، النكاح.
وأمّا حديث أبي سعيد فأخرجه البخاري، ٢٢٢٩، البيوع، ومسلم، ١٤٣٨، النكاح.
(٢) البخاري، ٣٥٩١، المناقب، ولفظه: عن قَيْس، قَالَ: أَتَيْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ ?، فَقَالَ: صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاثَ سِنِينَ، لَمْ أَكُنْ فِي سِنِيَّ أَحْرَصَ عَلَى أَنْ أَعِيَ الْحَدِيثَ مِنِّي فِيهِنَّ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ- وَقَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ-: (بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ تُقَاتِلُونَ قَوْماً نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ … )، والحديث جاء عند البخاري في نحو خمسة مواضع باختلاف يسير، وعند مسلمٍ كذلك مرتين في موضعٍ واحدٍ برقم ٢٩١٢، وليس في موضعٍ منها كلها ذِكْرٌ لابن سيرين عن أبي هريرة، ولم أرَ ذلك في أيٍّ مِن متونِ الحديث؛ فواضحٌ أنّ ذِكْرَ رواية ابن سيرين عن أبي هريرة في صورةِ الموقوف التي أشار إليها ابن حجر وهَمٌ، وكذا قول د. عتر بأنّ ذلك "رواية أُخرى للحديث"، في طبعَتِه الثالثة للنزهة، ص ١٠٨، حاشية ٤. وجَلّ مَن لا يَسهو.

<<  <   >  >>