للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الاعتبار]

واعْلم أنّ تَتَبُّعَ الطُرُقِ: من الجوامع (١)، والمسانيد، والأَجْزَاءِ، لذلك الحديث الذي يُظَنُّ أنه فَرْدٌ؛ ليُعْلَمَ: هل له متابِعٌ أم لا؟ هو "الاعتبار".

وقول ابن الصلاح: ((معرفة الاعتبار والمتابعات والشواهد)) قد يُوهِم أنّ الاعتبار قَسِيمٌ لهما (٢)، وليس كذلك، بل هو هيئةُ التوصل إليهما.

وجميع ما تقدم مِن أقسام المقبولِ تَحْصُلُ فائدةُ تقسيمِهِ باعتبارِ مراتِبهِ عند المعارضة (٣)، والله أعلم.


(١) الجوامع: جَمْعُ جامعٍ، وهو اسمٌ يُطْلق على كتابِ الحديثِ المرتّبةُ فيه الأحاديث على الأبواب، ويَشتمل على كل الأبواب، غيرَ مقتصرٍ على بعضها، وذلك مثل: صحيح البخاري: ""الجامع المسند الصحيح المختصر مِن أمورِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسننه وأيامه"، وصحيح مسلمٍ: "المسنَد الصحيح المختصر مِن السنن، بنقْل العدل عن العدل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "، بخلاف كتاب "السنن"، مثلاً، الذي يُقتَصرُ فيه على أحاديث الأحكام، غالباً.
(٢) أيْ: يُوهِم أنه قسمٌ مقابلٌ للمتابعات والشواهد، متمِّمٌ لهما.
(٣) في قوله: "وجميع ما تقدم مِن أقسام المقبول … "إلخ، قلتُ: لكن، ينبغي التنبُّهُ هنا إلى أنَّ مجرد حصول المعارضة في الظاهر ليس مسوِّغاً لأخذِ الأقوى وردِّ القويّ؛ لأن الحديث إمّا أن يَثبتَ؛ فيجب الأخذ به بحسَب أصول الفقه السديد، أو لا يَثبتَ؛ فيجب عدمُ الاحتجاج به منفرِداً. وفَهْم الأدلةِ والجمْع بينها بابٌ آخر، وهو مِن الأهمية بمكانٍ. والقاعدة الثابتة في هذا الباب هي: أنّ التعارضَ الحقيقيَّ لا يَقع بين الآيات والآيات، ولا بين الأحاديث الثابتة والآيات، ولا بين الأحاديث والأحاديث الثابتة بحالٍ، وهذه قاعدة كان ينبغي أن يُشير إليها هنا المؤلف -رحمه الله- وأنْ يؤكِّد عليها. وقد أَفَضْتُ في هذا المعنى في كتابَيَّ: "منهجية فقه السنة النبوية: قواعدُ ومنطلقاتٌ نظرية وأمثلة تطبيقية"، وفي "مدْخل لدراسة (مشْكل الآثار) … ".

<<  <   >  >>