للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُقَدَّمُ على ما فوقه؛ إذ قد يَعْرِضُ للمَفُوقِ ما يَجْعله فائقاً.

كما لو كان الحديثُ عند مسلمٍ، مثلاً، وهو مشهورٌ قاصرٌ عن درجة التواتر، لكن، حَفَّتْه قرينةٌ صار بها يُفيدُ العلم، فإنه يُقَدَّم على الحديث الذي يُخرجُه البُخَارِيّ إذا كان فَرْداً مطلقاً.

وكما لو كان الحديث الذي لم يخرِّجاه مِن ترجمةٍ وُصِفت بكونها أصحَّ الأسانيد، كمالك عن نافع عن ابن عمر، فإنه يُقدَّم على ما انفرد به أحدهما، مثلاً، لا سيما إذا كان في إسناده مَنْ فيه مقال (١).

[الحسن لذاته]

فإنْ خَفَّ الضبطُ، أي قَلَّ -يُقال: خَفَّ القومُ خُفوفاً: قَلُّوا- والمراد مع بقية الشروط المتقدمة في حدِّ الصحيح = فهو الحسنُ لذاته، لا لشيء خارجٍ، وهو الذي يكون حُسْنُه بسببِ الاعتضاد، نحوُ حديثِ المستُورِ إذا تعددت طُرُقُه (٢). وخَرَج باشتراطِ باقي الأوصافِ الضعيفُ.


(١) قوله: "مَنْ فيه مقال": قلت: هذا لا يعني ردَّ الرواية على كلِّ حالٍ؛ فقد تكون الرواية التي فيها مَنْ فيه مقالٌ مقبولةً، وقد تكون مردودة؛ وذلك بحسَبِ نوعِ الكلام في الراوي ودرجته، وهل جاء الحديث مِن طُرُقٍ أُخرى أم لا؟ يُراجع هذا الموضوع في مقدّمة تحقيقي لرسالةِ: "مَن تُكُلِّمَ فيه وهو مُوَثَّقٌ أو صالِحُ الحديثِ"، للإمام الذهبي، تحت عنوان: ((هل يُرَدُّ كل حديثٍ فيه راوٍ مُتَكَلَّمٌ فيه؟)).
(٢) أَيْ: إذا تعددت طرقه على وجهٍ يَجْبر بعضُها بعضاً. وهذا قَيْدٌ مهمٌّ؛ لأنه ليس كلُّ تعددٍ في الطرق يَجبر الرواية، وتُنظر الحاشية رقم (١٢٢)، ص ٨٠.

<<  <   >  >>