للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التي تقدمت.

واليقين: هو الاعتقاد [٣/ ب] الجازم المطابق.

وهذا هو المعْتَمَدُ أنّ خبر التواتر يفيد العلم الضروري.

[مفهوم العلم الضروري]

وهو الذي يُضْطر الإنسان إليه بحيث لا يُمْكنه دفعه.

وقيل: لا يفيد العلمَ إلا نظرياً. وليس بشيء؛ لأنّ العلم بالتواتر حاصلٌ لمن ليس له أهليةُ النظرِ كالعاميِّ؛ إِذِ النظر: ترتيبُ أمورٍ معلومةٍ أو مظنونةٍ يُتَوَصل بها إلى علومٍ أو ظنونٍ، وليس في العاميِّ أهليةُ ذلك، فلو كان نظرياً لَمَا حَصَلَ لهم (١).

[الفرق بين العلم الضروري والعلم النظري] [

ولاحَ بهذا التقريرِ الفرقُ بين العلم الضروريّ والعلم النظريّ:

١ - إِذِ الضروريّ يفيدُ العلمَ بلا استدلالٍ، والنظريّ يفيده، لكن، مع الاستدلال على الإفادة.

٢ - وأن الضروريَّ يَحْصُلُ لكلِّ سامعٍ، والنظريَّ لا يَحْصُلُ إلا لمن فيه أهليةُ النظر.


(١) قوله: ((لما حَصَلَ لهم))، هذا تحقيقٌ جميل للمؤلف، رحمه الله، ولكن يبدو أنه، مع هذا، قدْ استَخدمَ بعضَ الإطلاقات التي يَخرج بها عن مراعاة هذا التحقيق، ومِن هذا قوله الذي مضى قبل قليل: ((وما تخلَّفتْ إفادة العلم عنه كان مشهوراً فقط))، وكان حقه أن يُقَيِّد هذا العلمَ بأنْ يقول: العلم اليقيني الضروري؛ إذِ الحديث المشهور قد يُفِيد، أيضاً، العلم، لكن، النظري، ثم إنْ احتفّتْ به قرائن مقويّة له رفعتْه إلى درجة القطع فأصبح يفيد العلم اليقينيَّ النظريَّ.
فـ"العلم" يتحدد بتحديد درجته، وبتحديد طُرُق التوصل إليه، فلا يتم تحديد المصطلحات هذه إلا بتحديد درجاتها وطرق التوصل إليها.

<<  <   >  >>