للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بصناعةِ الحديث منه، وأن مسلماً تلميذه وخِرِّيجُهُ ولم يَزَلْ يستفيدُ منه ويَتَّبع (١) آثارَه، حتى لقد قال الدارقطنيُّ (٢): ((لولا البخاريُّ لَمَا راحَ مسلمٌ ولا جاء)) (٣).

[مراتب الصحيح بحسب مصدره]

ومِن ثَمَّ، أَيْ: ومِن هذه الحيثية -وهي أرجحية شرْط البُخَارِيّ على غيره- قُدِّمَ صحيحُ البُخارِيّ على غيره من الكتب المصنَّفة في الحديث.

ثم صحيحُ مسلمٍ، لمشاركته للبُخَارِيّ في اتّفاق العلماء على تلقِّي كتابه بالقبول، أيضاً، سِوى ما عُلِّل (٤).

ثم يُقَدَّمُ في الأرجحية، مِن حيثُ الأَصَحِّيَّةُ، ما وافقَه شَرْطُهُما؛ لأن المراد به رواتهما [٨/ أ] مع باقي شروطِ الصحيح، ورواتُهُما قد حصل الاتفاق على


(١) في بعض النسخ المطبوعة: ويتتبعُ. وهو خطأٌ؛ لأن التتبع غير الاتّباع؛ إذ معناها: التعقُّب.
(٢) هو عليّ بن عمر بن أحمد الدّارَقُطْنِيّ، البغدادي، أبو الحسن، ٣٠٦ - ٣٨٥ هـ، يُضرب به المثل في الحفظ والإتقان في الحديث، له مصنفات في الحديث تشهد بإمامته وذكائه. وقد كَتبْتُ فيه أُطروحةً للدكتوراه، ونشرتُها بعنوان: "الإمام أبو الحسن الدَّارَقطْنيّ وآثاره العلمية"-وسقط مِن العنوان في الطبع عبارة: "مع دراسة تفصيلية عن كتابه السنن"، جدّة، دار الأندلس الخضراء، ط. الأولى، ١٤٢١ هـ‍-٢٠٠٠ م.
(٣) وقد أخرجها الخطيب في "تاريخ بغداد"، ١٣/ ١٠٢، ولتقرير أَصَحّيّةِ صحيح البخاري وتقديمه على صحيح مسلم يُنظر "هدْي الساري"، ص ١٠، و"تدريب الراوي"، للسيوطي، ص ٨٨ - ٩٨. وينبغي التّنبُّهُ هنا -في سِياق ترجيحِ البخاريّ وصحيحه على مسلمٍ وصحيحه- إلى عظيمِ مكانة مسلمٍ وصحيحه، أيضاً، وأنّه، مع تلك المفاضلة وأَوْجُهِها، قَرِينُ البخاريِّ في الإمامة والفضل، نَعَمْ رَجَحَ شيخُه البخاريّ عليه، لكن في كليهما الخير والفضل والإمامة، فهُما كفرَسَيْ رِهانٍ في هذا الميدان، رحمهمها الله وجزاهما خير الجزاء.
(٤) هنا حاشية بخط المصنف، نصها: "بلغت قراءة بحث عليّ. كتبه ابن حجر".

<<  <   >  >>