للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالصفاتُ التي تدور عليها الصحةُ في كتابِ البُخَارِيِّ أتمُّ منها في كتابِ مسلمٍ وأشدّ، وشَرْطُهُ فيها أقوى وأسدّ.

أما رُجْحانه مِن حيثُ الاتصال: فلاشتراطه أن يكون الراوي قد ثبَتَ له لِقَاءُ مَنْ رَوى عنه، ولو مرّةً، واكتفى مسلمٌ بمطْلَقِ المعاصرة.

وأَلزم البخاريَّ بأنه يَحتاج أن لا يَقبَل العنعنةَ أصلاً، وما ألزمه به ليس بلازمٍ؛ لأن الراوي إذا ثبَت له اللقاء مرّةً لا يجري في رواياته احتمالُ أن لا يكون سَمِع؛ لأنه يَلْزم مِن جَرَيَانِهِ أن يكون مدلِّساً، والمسألة مفروضة في غير المدلِّس.

وأما رُجْحانُه مِنْ حيثُ العدالةُ (١) والضبطُ: فلأنّ الرجالَ الذين تُكُلِّمَ فيهم مِن رجالِ مسلمٍ أكثرُ عدداً مِن الرجال الذين تُكُلِّمَ فيهم مِنْ رجالِ البُخَارِيّ، مع أن البخاريَّ لم يُكْثِرْ مِن إخراج حديثهم، بل غالبُهم مِن شيوخه الذين أَخذ عنهم، ومارسَ حديثهم، بخلافِ مسلمٍ في الأمرين.

وأما رُجْحانُه مِن حيثُ عدمُ الشذوذِ والإعلالِ: فلأنّ ما انْتُقِدَ على البُخَارِيّ مِن الأحاديث أقلُّ عدداً مما انْتُقِدَ على مسلمٍ، هذا مع اتفاق العلماء على أنّ البخاريَّ كانَ أجلَّ مِنْ مُسْلم في العلوم، وأعرفَ


(١) في الأصل ضُبِطتْ بالجرِّ، وكذا الكلمة بعدها، والصواب الرفع.

<<  <   >  >>