(٢) هنا يَذْكر ابن حجر بعض أسباب الزلل والخطَلِ في كلام المتكلِّم في الجرح والتعديل. (٣) قوله: "والجرح مقدم على التعديل". قلتُ: هذا في الحقيقة ليس بسديدٍ، سواءٌ على الإطلاق - كما قال به جماعة، على ما ذكره المصنف رحمه الله- أو على تقييده؛ بأنْ يكون مبيَّناً مِن عارفٍ بأسبابه، على ما رجّحه المصنف، لأنه لا وجْه للقول بتقديم الجرح على التعديل مطْلقاً؛ إذْ كلٌّ منهما كلامٌ في الراوي، وإذا كانا جميعاً كلاماً في الراوي، فمعنى ذلك أن المتعين هو أنْ ننظر لهما جميعاً بمنظارٍ واحدٍ؛ فلا يصح أيضاً أن نُرَجِّح بالنوع، سواءٌ كان جرحاً أو تعديلاً، إذْ لا مُسَوِّغ لذلك. والصواب هو أن ندْرس كلاًّ مِن الجرح والتعديل بميزانٍ واحدٍ، نَنْظر فيه إلى أمرين: - مدى ثبوتِ كلٍّ منهما. - ومدى حصولِ التعارضِ بينهما. وبعد ذلك نأخذ بنتيجةِ هذه الدراسة، وستكونُ على الاحتمالات الآتية: ١ - إما أن لا يَثْبت أحدهما؛ فنردّه؛ ونأخذ بالآخَر الثابت. ٢ - أو أنْ يَثْبتا، كلاهما؛ فننظر عندئذ في مدى حصول التعارض بينهما. ٣ - والاحتمال بعدَ النظر في مدى التعارضِ بينهما هو أن لا يكون بينهما تعارضٌ؛ فنأخذ بهما جميعاً -طالما أنهما ثابتان- أو يَحْصل بينهما تعارضٌ في الظاهر؛ فَنَنْظر في طُرُقِ الجمع بينهما؛ ونأخذ بالنتيجة.