للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا القِسمُ مِن الْحَسَنِ مشاركٌ للصحيح في الاحتجاج به -وإِنْ كان دُونَهُ- ومشابِهٌ له في انقسامه إلى مراتبَ بعضُها فوقَ بعض.

[الصحيح لغيره]

وبكثرة طُرُقِه يُصَحَّحُ، وإنما نحكم له بالصحة عند تعدد الطرق (١)، لأن للصورة المجموعة قوّةً تَجْبرُ القدر الذي قَصُرَ به ضبط راوي الحَسَنِ عن راوي الصحيحِ، ومِن ثَمَّ (٢) تُطْلَقُ الصحةُ على الإسناد الذي يكون حسناً لذاته [/ ٨/ ب]-لو تفرد- إذا تعدد.

وهذا حيثُ ينفردُ الوصف (٣).

[معنى قولهم: "حديث حسنٌ صحيحٌ"]:

فإن جُمِعا، أي: الصحيحُ والحسنُ، في وصفٍ واحدٍ، كقول الترمذي وغيره: "حديثٌ حسنٌ صحيحٌ"، فللتردد الحاصل مِن المجتهد في الناقل: هل اجتمعتْ فيه شروط الصحة أو قَصُرَ عنها؟ وهذا حيث يَحْصل منه التفرد بتلك الرواية.

وعُرِفَ بهذا جوابُ مَنِ استشكلَ الجمعَ بين الوصفين؛ فقال: الحَسَنُ قاصرٌ عن الصحيحِ؛ ففي الجمع بين الوصفين إثباتٌ لذلك القصورِ ونَفْيُهُ!

ومُحَصَّل الجواب: أنّ تردُّدَ أئمة الحديث في حال ناقلِهِ اقتضى للمجتهد أن لا يصفه بأحدِ الوصفين، فيُقال فيه: حَسَنٌ باعتبار وصْفِهِ عند قومٍ، صحيحٌ باعتبارِ وصْفِهِ عند قومٍ، وغايةُ ما فيه أنه حُذِف منه حرفُ التردد؛ لأنّ حقّه أن يقول:


(١) يُنظر الحاشية رقم (١١٧) ص ٧٨.
(٢) أَيْ: مِن هذه الحيثية.
(٣) قوله: "حيثُ يَنفرِد الوصف"، أيْ: بقوله: صحيح، فقط، أو حسَن، فقط، لا وصفاً مُرَكَّباً، كصحيح حسَن، أو حسن غريب ..

<<  <   >  >>