للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"حسنٌ أو صحيحٌ "، وهذا كما حُذِفَ حرف العطف مِن الذي بعده (١).

وعلى هذا فما قيل فيه: "حسنٌ صحيحٌ" دون ما قيل فيه: "صحيحٌ"؛ لأن الجزمَ أقوى مِن التردد، وهذا حيث التفرد (٢).

وإلا إذا لم يحصل التفرد فإطلاق الوصفين معاً على الحديث يكون باعتبارِ إسنادين: أحدُهما صحيحٌ، والآخَرُ حسنٌ.

وعلى هذا فما قيل فيه: "حسن صحيح" فوقَ ما قيل فيه: "صحيح" فقط

-إذا كان فرداً- لأن كثرة الطرق تقوِّي.

[الحسن عند الترمذي]

فإن قيل: قد صرَّح الترمذي بأنَّ شرط الحسن أن يُرْوَى مِن غيرِ وجهٍ (٣)؛ فكيف يقول في بعض الأحاديث: "حسن غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه"؟.

فالجواب: أن الترمذي لم يُعرِّف الحسن مطلقاً، وإنما عَرَّفَ نوعاً خاصاً منه وَقَعَ في كتابه، وهو ما يقول فيه: "حسنٌ"، مِن غير صفةٍ أخرى؛ وذلك أنه:


(١) المقصود بالذي بعده هو: ما قيل فيه: "حسن صحيح"، باعتبارِ إسنادين؛ فهو بمعنى قول: "حسن وصحيح"، لكن، حُذِف منه حرف العطف وهو الواو. وهذا هو ما عَنَاهُ المؤلف بقوله، بعد هذا: "وإلا إذا لم يحصل … ". وقد جاءت هنا في الأصل حاشيةٌ نصُّها: "لعله أراد بالذي بعده الغريب، حيث يقول كثيراً: "حسنٌ صحيح غريب"، والتقدير: وغريب، فحذف حرف العطف، وهو الواو؛ فالضمير في "بعده" عائدٌ إلى ما ذكر مِن الجمعِ بين الوصفين؛ فتأمّلْ"، ق ٨ ب. قلتُ: والكلام واضحٌ مِن ألفاظِ المؤلف؛ فليس هو في حاجةٍ إلى هذا التكلُّف في التفسير.
(٢) أَيْ: حيث يكون الحديث مَروِيّاً بطريقٍ واحدٍ.
(٣) أَيْ: يُرْوى مِن أكثرِ مِن طريقٍ.

<<  <   >  >>