الاستعانة بدعاء الصالحين، كأن يطلب الدعاء من رجل صالح، أو ولي من أولياء الله تعالى، فهذه تدخل تحت الاستعانة المباحة.
وقد خالف في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية فقال: إنها على الكراهة.
والصحيح والراجح: أن طلب الدعاء من الصالحين الذين لا يفتنون -هذان قيدان مهمان- لا شيء فيه، والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(سبعون ألفاً من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب.
فقال عكاشة رضي الله عنه وأرضاه: يا رسول الله!) -استعان بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم- (ادع الله أن أكون منهم.
فقال: أنت منهم).
وأيضاً في حديث آخر: أن عمر استعان بدعاء العباس كما ذكرنا ذلك فيما سبق.
كذلك: أن عمر طلب الدعاء من أويس القرني، وهو من التابعين، حتى قال العلماء: خير التابعين على الإطلاق هو أويس القرني.
والتابعون هم من الصلحاء، وفيهم فساق، فإذا قلت لي: الحكم للغالب، فنقول: ونحن الآن نقول: الحكم للغالب، فالمسألة مسألة الظاهر؛ فإذا كان ظاهره الصلاح فلك أن تسأله هذا السؤال، وإلا نقول: الأمر فيه تخصيص كما أقر النبي صلى الله عليه وسلم عكاشة بن محصن أن يطلب منه الدعاء؛ وأقر الصحابة عمر بن الخطاب أن يطلب الدعاء من العباس رضي الله عنه وأرضاه، فأنت إما أن تقول: كل من نعيش معه من الفساق، أو ليسوا من الصلحاء، أو لا نعرف صلاحهم، فنقول لك: أبعدت النجعة وهدمت سنة النبي صلى الله عليه وسلم، لأن عندك دليل صريح عن رسول الله أنه قال:(أمتي كالمطر لا يدري الخير في أولها أو في آخرها) والمطر فيه خير، وقال:(ولا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم أو خذلهم).
فأنت تهدم من هذا هدماً قاطعاً، وهذا كلام باطل وفاحش، فالصحيح الراجح أنك تقول: عندنا الأدلة على الاستعانة بدعاء الصالحين، وتنزل منزلة الاستعانة المباحة.