وقد استفتح الكتاب أولاً بالبسملة، فقال: بسم الله الرحمن الرحيم وبه أستعين، ثم قال: أحمدك لا أحصي ثناءً عليك.
قوله:(باسم الله الرحمن الرحيم) بينا كثيراً في كل الكتب أنها من روائع البيان، فما من مصنف إلا ويقتدي بكتاب الله ويقتدي بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، ويتأدب بين يدي الله، بأن يتقدم بين يدي أي مصنف بالبسملة.
وقوله:(باسم الله)، التقدير أستعين أو أصنف باسم الله، والاسم: إما مشتق من السمو وهو العلو، وهو في حق الله حق، أو مشتق من السمة وهي العلامة، وأيضاً أسماء الله جل في علاه أعلام على ذات الله وأوصاف لها كمالات.
(الله)، هو الاسم الأعظم لله جل في علاه، وقد بينا ذلك مراراً فلا عودة له.
قوله:(الرحمن الرحيم) هذه أسماء من أسماء الله جل في علاه، وكل اسم من أسماء الله يتضمن صفة كمال، فهما اسمان من أسمائه الحسنى؛ لأنهما علامة على ذات الله جل في علاه، فيدل على ذات الله ويتضمن صفة كمال وجلال، فالرحمن: يتضمن صفة الرحمة، والرحيم يتضمن صفة الرحمة، والله يتضمن: صفة الإلهية، والإله: هو الذي تألهه القلوب، فهو المألوه، أي: المعبود بحق.
والفرق بين:(الرحمن والرحيم) أنهما إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا، والرحمن هو رحمان الدنيا، والرحيم هو رحيم الآخرة، فاسم (الرحمن) عام للمؤمنين والكافرين، وأما (الرحيم) فهو خاص بالمؤمنين، والدليل قوله تعالى:{وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا}[الأحزاب:٤٣] ولم يقل: رحمان، وإنما قال:((رَحِيمًا)) فخصها بالمؤمنين.