والرقية دواء أنزله الله للأدواء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(تداووا عباد الله، ولا تتداووا بحرام؛ فإن الله ما أنزل داءً إلا أنزل له دواء، علمه من علمه وجهله من جهله) ومن الدواء الذي يكون شفاءً من كل داء أو من كثير من الأدواء: الرقية الشرعية، وأكثر ما تكون من العين، كما قال الله تعالى:{لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ}[القلم:٥١]، أي: يحسدونك، وأنزل الله لنبيه الرقية من الحسد فقال:{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}[الفلق:١ - ٥] وأيضاً قوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}[الناس:١]، نزلت في الرقية من العين.
والنبي صلى الله عليه وسلم لما رأى امرأة في وجهها سعفة قال:(استرقوا لها)، أي: اطلبوا لها الرقية، فأمر أن ترقى أو يسترقى لها.
وعن عائشة رضي الله عنها وأرضاها أن النبي صلى الله عليه وسلم في مرض موته كان يرقي نفسه، فكان يأخذ بيديه وينفث -والنفث له حالات: نفث قبل أو وسط أو بعد- ويقرأ: بقل هو الله أحد والمعوذات، ويمسح على جسده.
والرقية تكون من العين أو الحمى أو من اللدغ، كلدع العقرب أو الحية، وقد جاء في السنن عن أبي سعيد الخدري أنه كان مع بعض الصحابة فأتوا على قوم فطلبوا القرى -والقرى هي: الضيافة، أو كرم الضيافة- فلم يقروهم، فلدغ سيدهم، فقالوا: هل عندكم من راق، أو عندكم رقية؟ فقال الرجل: والله أنا أرقي، ولا أرقي حتى تضربوا لنا بسهم.
فضربوا لهم بسهم، أي: بقطيع من الغنم، فقرأ الفاتحة ورقاه.
وجاء في حديث السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عقاب، وذلك من حديث عمران بن حصين أنه لا رقية إلا من عين أو من حمى.
إذاً: فالرقية هذه مشروعة، وقد بينها النبي صلى الله عليه وسلم، وكان أهل الجاهلية أيضاً يرقون، وكانوا يرقون بما هو غث وسمين، ويرقون بما هو شرك وتوحيد.