أولاً: الشفاعة فيمن استحق النار ألا يدخل النار ويدخل الجنة من أول وهلة, أي: هم قوم بعدما ناقشهم الله الحساب، وبين الموازين، وثقلت موازين السيئات على موازين الحسنات فاستحقوا النار، فيؤمر بهم إلى نار جهنم، فيقف رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقف المؤمنون: ربنا إن إخواننا يصلون معنا ويسجدون معنا ويحجون معنا، فيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيشفع لهم فيدخلون الجنة من أول وهلة، وإن كانت النار هي أحق بهم من الجنة, وهناك أدلة كثيرة على ذلك، منها: أولاً: صلاة الجنازة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن الميت:(ما صلى عليه من أهل التوحيد إلا شفعهم الله فيه).
وهذا الحديث يدل على الشفاعة الأخروية التي تكون لمن يستحق النار، فيشفع له النبي والمؤمنون ألا يدخل النار، بل يدخل الجنة من أول وهلة.
ووجه الدلالة من هذا الحديث عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم:(فيشفعهم) أي: إذا كان من أهل الجنة فسيشفعهم فيه، بأن يرتفع بالدرجات، وإن كان من أهل النار واستحق النار فسيقبل شفاعتهم ألا يدخل النار ويدخل الجنة.
إذاً وجه الدلالة: أنهم يشفعون فيه، وقد يكون من الفسق بمكان، من ارتكاب الزنا وشرب الخمر، لكن قدر الله أنه قبل أن يموت قال: لا إله إلا الله، وقال: اللهم إنك تعلم أن هؤلاء الذين يحجرون رحمتك يقولون: إنك لا تغفر لي، اللهم خالفهم واغفر لي، فمات على التوحيد، فيقدر الله له أن يصلي عليه أربعون من أهل التوحيد الخلص، فإذا صلوا عليه ودعوا له وشفعوا له يقبل الله شفاعتهم فيه، سواء كان فاسقاً أو فاجراً؛ وسواء استحق النار من أول وهلة، أو كان مؤمناً تقياً, فالعموم يدل على أن هذه الشفاعة مقررة؛ لأنه يمكن أن يكون من أهل النيران فيشفع فيه الأربعون فيشفعهم الله ويجعله من أهل الجنان.