للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التوسل البدعي]

الثاني: التوسل البدعي: وهو التوسل بذوات الصالحين، أو بجاه الصالحين، ويستدل أصحابه بقول الله تعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس:٦٢]، فلهم المكانة الراقية والعالية عند ربهم بقول الله: {لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس:٦٢].

ومن ذلك التوسل بجاه النبي على أنه هو أكرم خلق الله على الله، قال الله تعالى يقسم بحياة النبي: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الحجر:٧٢].

وقالوا أيضاً: إن مكانة النبي عند ربه لعظيمة، وله جاه عظيم، فعندما يكون الناس في كرب شديد يذهبون يتوسلون بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وبجاهه، فترى الداعي منهم يقول: اللهم إني أسألك بجاه نبيك عندك أن ترزقني، أو تشفي مريضي، وهذا له وجه، فقد قال بهذا القول العز بن عبد السلام، بل نقل عنه الشوكاني أنه قال: لا توسل يجوز إلا بجاه النبي صلى الله عليه وسلم، أي: أنه لغى حتى التوسل المشروع، ثم قال: هذا إن صح الخبر، وهذا ينم عن فحولة العالم الرباني سلطان العلماء، فلا يستنير إلا بضوء الآثار، ويعلق كلامه على تصحيح الخبر، والخبر هو ما جاء عن عثمان بن حنيف أن النبي صلى الله عليه وسلم (جاءه رجل ضرير وقال للنبي صلى الله عليه وسلم: ادع الله لي أن يشفيني، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إن شئت صبرت ولك الجنة -كما في حديث المرأة المصروعة- وإن شئت دعوت الله لك، قال: ادع الله لي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اذهب فتوضأ، ثم صل، ثم قل: اللهم إني أتوجه إليك بنبيك، وأسألك بنبيك يا محمد يا نبي الرحمة! إني أتوجه بك إلى الله جل في علاه، ثم قال: اللهم شفعه في وشفعني فيه) وكل هذا محتمل، لكنهم استدلوا بأنه صلى الله عليه وسلم صرح بذلك في لفظ آخر للحديث فقال: (فإن كانت لك حاجة فأت مثل ذلك) قالوا: وهذه دلالة واضحة، وفيها تصريح بجواز التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم حياً أو ميتاً.

ووجه الدلالة هو عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (فإن كانت لك حاجة فأت بمثل ذلك) بمعنى: إذا عرضت لك الحاجة سواء كنت حياً أو ميتاً فافعل ما أمرتك به، واستدلوا على ذلك أيضاً بزيادة في بعض الأحاديث: أن الراوي نفسه الذي قال هذا الحديث استدل به على التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك في خلافة عثمان، قالوا: فهذا دليلنا على جواز التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>