للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شروط الوضوء]

من شروط الوضوء: الإسلام، والدلالة على ذلك: أن الله جل في علاه قال: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ} [النساء:١٢٤].

فاشترط الإيمان حتى يقبل هذا العمل الصالح، والنبي صلى الله عليه وسلم يبين أن الإسلام أو الإيمان شرط في قبول الأعمال كما في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها وأرضاها أنها سألته عن عبد الله بن زيد بن جدعان، فذكرت أنه كان يكرم الضيف ويعين ذا الحاجة ويعطي ويكرم، فقالت: يا رسول الله! ما له عند الله جل في علاه؟ قال: (لا شيء له، إنه ما قال يوماً: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين) فكل هذه الحسنات التي فعلها تعجل له في الدنيا، وليس له شيءٌ عند الله جل في علاه؛ لأنه لم يأت بالإسلام، قال الله تعالى: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ} [التوبة:٥٤] إذاً: الكفر كان حائلاً مانعاً من أن تقبل هذه الأعمال.

الشرط الثاني: التمييز وليس البلوغ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (علموا أولادكم الصلاة لسبع) فالسبع هنا محل التمييز، وقد استنبط بعض العلماء من هذا أن التمييز سن السبع، إذاً: تعليم الصلاة يكون في سن السابعة، فلا تصل إلا إذا أتيت بشروطها، ومن شروطها التمييز؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (علموا أولادكم الصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر).

الشرط الثالث: وجود الماء المطلق، والماء المطلق: هو الماء العاري عن كل قيد، وهو الماء الطهور الطاهر في نفسه المطهر لغيره، قال تعالى: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان:٤٨] فإذاً: شرط صحة الوضوء: ألا يتوضأ العبد بماء اختلط بطاهر، فإن الوضوء بماء مختلط بطاهر لا يصح، فمن شروط الوضوء: أن تتوضأ بماءٍ مطلق، والماء المطلق: العاري عن كل قيد، وهو الماء الباقي على أصل خلقته.

الشرط الرابع: معرفة كيفية الوضوء، كما كان الحسن والحسين يعلمان الرجل كيف يتوضأ.

الشرط الخامس: عدم الحائل، وأكثر من يفعل ذلك النساء، وعدم الحائل هذا نقصد به: طلاء الأظافر ووضع الحناء على الرأس، وكذلك النقاش وغيره، فإذا شكل طبقة على اليد فإنه أيضاً يكون حائلاً لا يصح الوضوء مع وجوده، فإذا جاءت امرأة وقالت: توضأت للفجر، فصليت وقرأت القرآن، وجلست في مجلسي أو في مسجدي فذكرت الله جل في علاه حتى طلعت الشمس.

ثم جاء وقت صلاة الظهر فتوضأت فصليت، ثم جاء العصر فصليت، ثم المغرب فنظرت وأنا أتوضأ فوجدت طلاء الأظافر على أظافري، فماذا أفعل؟ ف

الجواب

تعلمنا في الفقه أن الوضوء الصحيح لا بد فيه من توافر شروط، ومن هذه الشروط حتى يصح الوضوء: عدم الحائل، وقد وجد الحائل وهو طلاء الأظافر، حال بين أن يمس الماء البشرة، وبين أن يمر وجه الماء على البشرة فكان حائلاً، فعلى ذلك اختل شرط من شروط الوضوء، فلا يصح الوضوء.

الشرط السادس: جريان الماء على العضو وإن لم يحدث الدلك، خلافاً للمالكية، بمعنى: لو قام رجل وقال: أريد أن أتوضأ، فقام آخر فعلمه وقال: اغسل يديك ثلاثاً، وتمضمض واستنشق ثلاثاً، واغسل وجهك ثلاثاً واغسل يديك ويفعل ذلك أمامه، ويعمل بالدلك، ويغسل يديه إلى المرفق ثلاثاً، ومسح رأسه ثلاثاً على مذهب الشافعية وسنبين أن من السنة مسح الرأس ثلاثاً، ثم غسل رجليه ثلاثاً، فقام الرجل، فهذا الوضوء صحيح.

وأيضاً لو وجد الماء ينزل من الميزاب فجاء تحت الميزاب، وجعل الماء يجري على وجهه، ولا يضع يديه عليه، وجعل الماء يجري على يديه، وأيضاً يجري على رأسه ومسح على رأسه حتى يكون مسحاً لا غسلاً، ثم وضع رجله اليمنى فجعل الماء يجري على رجله دون الدلك، ثم قام فصلى، وجريان الماء على العضو هذا شرط من شروط الوضوء، فإذا توفر ذلك صح الوضوء به.

إذاً: الصحيح جريان الماء على العضو حتى يغلب على ظنك أن الماء قد وصل إلى البشرة.

أيضاً من شروط الوضوء: انتفاء المانع، فلا بد من توافر الشروط وانتفاء الموانع.

ومن الموانع التي تمنع صحة الوضوء: الجنابة، والحيض، والنفاس، أو رجل كان يغتسل وبعدما اغتسل أراد أن يتوضأ فمس ذكره.

الشرط الثامن: عدم الصارف، فلابد من استحضار النية أو دوام النية وهو يتوضأ.

الشرط التاسع: وهذا الشرط خاص بأصحاب الأعذار، كالذي يعاني من سلس البول، أو انفلات الريح، أو المرأة المستحاضة، وهي المرأة التي ينزل منها الدم باستمرار، فمن شروط صحة الوضوء: أنها لا تتوضأ إلا بعد دخول الوقت، أما قبل ذلك فلابد من غسل المحل، أي: الاستنجاء، ولا بد من غسل المحل مع التحفظ.

فمن الشروط الخاصة بأصحاب الأعذار: الاستنجاء، ثمَّ الوضوء بعد ذلك مباشرة حتى يصح الوضوء، فإذا جاءت امرأة فسمعت ذلك فقالت: أنا مستحاضة، أي: ينزل مني الدم ولا ينقطع، ماذا أفعل حتى أصلي؟ فالجواب: لا بد أن تتوضئي وترفعين حدثك، وذلك أن تنتظري حتى يدخل الوقت ثم تغسلي المحل ثم تتحفظي، ثم تتوضئين وتصلين بعد ذلك الصلاة والنافلة بعدها وهذا في كل الصلاة.

إذاً: أصحاب الأعذار لهم شروط خاصة فلا يتوضأ إلا بعد دخول الوقت، وقبل أن يتوضأ لا بد أن يستنجي، وأيضاً يتحفظ أو يلف لفافة على الفرج، ثم يتوضأ موالاة، ثم بعد ذلك يصلي الصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>