رجل كان في الصحراء، فدخل وقت الصلاة، فوجد بئراً، فأراد أن يتوضأ منها، فرأى الماء معكراً، فما الحكم؟ ننظر في سبب هذا التغير، فإن كان التغير بمخالط فلا يصح الوضوء من هذه البئر، وإن كان التغير بمجاور أو بطول المكث جاز الوضوء منها.
مثال آخر: البنت الصغيرة أخذت الصابون ووضعته في الحوض فتحلل الصابون، وتغير الماء، فهذا تغير بالمخالطة، فلا يصح أن يتوضأ به.
وتوجد إضافة قليلة لا تؤثر وليس لها تغيير، كحبيبات سكر قليلة تقع في إناء الماء فلا تؤثر فيها ولا تغيره، أو قليل من الزعفران، أو الطيب، أو العود، أو الزيت، أو الدهن، فإما أن تطفو، وإما ألا ترى لها أثراً، فالشيء القليل معفو عنه إذا لم يتغير طعم أو لون أو رائحة؛ لأن هذا لم يتغير، فهو باق على أصل خلقته، فيصح التطهر به.
وإضافة الكافور للماء عند غسل الميت لها حالتان: أن تدق الكافور حتى يصبح حبيبات صغيرة جداً.
جاء رجل ليغسل رجلاً ميتاً، فأخذ الكافور فجعله في الماء الكثير، فنظر إلى الماء فوجده قد تغير، فغسل الميت، فلما غسل الميت جاءني فسألني وقال لي: أنا غسلته بماء وكافور، قلت: ماذا فعلت بالكافور؟ قال: جعلته حبيبات صغيرة، قلت: هل رأيت منها شيئاً؟ قال: لم أر منها شيئاً، وغسلت الرجل، هل أكفنه الآن في كفنه أم أغسله مرة أخرى بماء مطلق غير متغير؟ فأجيبه: بأن هذا الماء تغير بالمخالطة وهذا ماء طاهر وليس بطهور، فعليك أن تغسله بعد ذلك بماء صاف غير مختلط بكافور حتى نقول: إنك غسلته بماء طهور بقي على أصل خلقته.
مثال آخر: مات رجل، وجاءت زوجته تغسله، فأخذت قطعة صلبة من الكافور فوضعتها في الإناء، والكافور له رائحة طيبة، وطعمه مر كالحنظل، قالت: هو قطع صلبة جداً لم أستطع دق هذه القطعة، فوضعتها فاشتممت الماء فوجدت له رائحة طيبة جداً، فالماء أصبح متغيراً برائحة كافور نفاذة، فهذا التغير بالرائحة النفاذة تغير بالمجاورة، فيصح الغسل به.
مثال آخر: وضع رجل دهن الطيب في خزان الماء، فطفا الدهن على الماء، وصار للماء رائحة طيبة، فهل يجوز الوضوء منه؟
الجواب
نعم؛ لأن هذا تغير بالمجاورة وليس تغيراً بالمخالطة.
مثال آخر: وقعت أوراق شجرة على ماء البئر فغيرته، فهذا الماء يجوز الوضوء به؛ لأن هذا تغير بالمجاورة لا بالمخالطة.