وحتى نقول بأن النوم ناقض للوضوء فلابد أن نشترط شرطين: الشرط الأول: وصف النوم بأن يكون مستغرقاً، فالإخفاق والإغفاء لا ينقض الوضوء، والدلالة على ذلك ما جاء في الأثر: كان الصحابة يجلسون تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضئون.
كذلك الحديث الصحيح في السنن عن ابن عباس لما صلى خلف النبي صلى الله عليه وسلم قال:(كانت تصيبه الإغفاءة)، أي: من طول القراءة، قال:(فكان النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ بشحمة أذني فأنتبه).
ففيه دلالة: على أن الإغفاءة أو الإخفاقة البسيطة لا تؤثر؛ لأن النوم نفسه ليس بناقض للوضوء، ويؤخذ من ذلك: لو أن رجلاً اضطجع وأغمض عينيه، ثم جلس يسرح فيما يتمناه، لكنه يسمع كلام الناس من حوله، ويسمع صوت الأقدام تسير من حوله، لكن الانتباه ليس كاملاً وتأخذه السنة وهو مضطجع، فهذا لا ينتقض وضوءه؛ إذ لابد من الاستغراق.
والشرط الثاني: هيئة النوم، فإذا اضطجع انتقض الوضوء، وإذا كان راكعاً انتقض الوضوء، وإن كان ساجداً انتقض الوضوء، وهيئة واحدة لا ينتقض معها الوضوء وهو أن يجلس ممكن المقعدة.
والدليل على ذلك ظاهر من حديث أنس رضي الله عنه وأرضاه أنه قال:(كان الصحابة يجلسون ينتظرون العشاء مع النبي صلى الله عليه وسلم ينامون تخفق رؤوسهم)، وهذا الوصف لا يكون إلا بالجلوس الممكن للمقعدة.