للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم رطوبة فرج المرأة]

أما مسألة رطوبة فرج المرأة، فمعلوم أن المرأة لو جلست على ركبتيها فإنها تنزل منها الرطوبة، وعند بعضهن تنزل الرطوبة بكثرة، ورطوبة فرج المرأة كثيراً ما تحدث لكل امرأة.

ولقد اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين: القول الأول: قول الجماهير من أهل العلم، فقد قالوا بنجاسة رطوبة فرج المرأة، واستدلوا على ذلك: بأن المخرج نفس مخرج النجس، وهذا من النظر، أما من الأثر: فرطوبة فرج المرأة نجسة، وذلك أن الصحابة في أول الإسلام كان الرجل منهم إذا جامع أهله فأكسل أي: لم ينزل، فإنه لا غسل عليه، ومنه الوضوء فقط؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الماء من الماء)، أي: إنما الاغتسال من الإنزال، لكن قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فاغسل ما أصابك منها)، لأنه يبعد أن يجامع الرجل امرأته ولا تنزل الرطوبة، وهذا دليل قوي صراحة على نجاسة رطوبة فرج المرأة.

القول الثاني: طهارة رطوبة فرج المرأة، أي السائل الذي ينزل من فرج المرأة، والدليل على ذلك ما استدل به ابن عبد البر كما نقله الحافظ في الفتح: وهو حديث عائشة أنها قالت: (يصيب المني ثوب النبي صلى الله عليه وسلم فإن كان يابساً أفركه وإن كان رطباً أنضحه)، قالوا: وهذا دليل على أن رطوبة فرج المرأة طاهرة وليست بنجسة، والاستدلال بهذا الحديث من وجهين: الوجه الأول: أنه يصعب أن يجامع الرجل أهله ويصيب ثوبه المني إلا وقد أصابت ثوبه أيضاً رطوبة فرج المرأة، وهذا معهود بين المتزوجين، فيكون ثوب الرسول صلى الله عليه وسلم قد أصابه المني وأصابه رطوبة فرج المرأة، فلما فركت المني فركت أيضاً ما أصاب الثوب من الرطوبة، والفرك ليس مطهراً، إذ لا بد من الماء، فهذا دليل على طهارة المني وطهارة رطوبة فرج المرأة.

وهي دلالة ظاهرة جداً، لا سيما وأن الأصل في هذه الأمور الطهارة ما لم يدل الدليل على النجاسة فنقول: قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (اغسل ما أصابك منها)، معناه: اغسل ما أصابك منها استحباباً وليس وجوباً؛ لأن عائشة كانت تفركها ولم تكن تغسلها، والأصل الطهارة ولم يدل دليل قاطع ولا حتى دليل ظني على نجاسة رطوبة فرج المرأة.

إذاً: الصحيح الراجح: أن رطوبة فرج المرأة على الطهارة وليست على النجاسة، ولكن هناك أمر مهم جداً بالنسبة للنساء وهو إن قلنا: إنها على الطهارة فهل تتوضأ منها أم لا؟ الصحيح: أنها تتوضأ منها؛ لأنه لا يلزم من النواقض أن تكون نجسة وإلا فالريح طاهر، ومع ذلك فإن منه الوضوء، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ، قالوا لـ أبي هريرة: يا أبا هريرة! ما الحدث؟ قال: فساء أو ضراط).

إذاً: فرطوبة فرج المرأة تنقض طهارتها، ولكن ليست بنجسة، وثمرة ذلك: أنها لا تكلف بأن تغسل المحل إن شعرت برطوبة الفرج، بل لها أن تتوضأ فقط.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>