إذا وقع الذباب الذي يحمل النجاسة على الماء فغمسه المرء فتغير فما حكم هذا الماء؟ النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه)، وقد رجحنا أن الذباب ميتة وهو ليس بنجس, ومثله الدود الذي في الجبن أو في التمر، فهذا ليس بنجس، بل يجوز أن يؤكل مع ذلك الطعام تبعاً.
والإمام النووي وغيره يقول في هذه المسألة: ميتة ما لا نفس له سائلة نجسة، فإذا تغير الماء تغير بنجس، فإذاً لا يصح استعماله، ونحن رجحنا أن ما لا نفس له سائلة ميتة طاهرة، فيكون الماء تغير بطاهر، فيصير الماء طاهراً, ووقوع النجاسة من الذباب في الإناء له ثلاث حالات: الحالة الأولى: مرت الذبابة على نجاسة وهذه النجاسة يسيرة، فوقعت على الماء وكادت تموت ثم طارت، فنظر الناظر فوجد الماء قد تغير, هذه الحالة الأولى.
الحالة الثانية: لم تقع الذبابة على النجاسة، ثم سقطت في الماء فماتت فيه فغيرته.
الحالة الثالثة: وقعت في النجاسة ثم وقعت في الماء فماتت فلم تغيره.
حكم الحالة الأولى: ينجس الماء؛ لأنه تغير بنجاسة، وهذا بالاتفاق؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(الماء طهور لا ينجسه شيء إلا ما غير طعمه أو لونه أو رائحته).
حكم الحالة الثانية: إن لم يتغير الماء فالراجح في المذهب أن الماء طهور, يصح استعماله؛ لأن هذه نجاسة لم تر بالطرف فهي يسيرة، واليسير معفو عنه، أما إن غيرت الماء فالمسألة على قولين في المذهب: القول الأول: أن ميتة ما لا نفس له سائلة نجسة، فلما غيرت الماء صار الماء نجساً, والراجح: أن ميتة الذبابة طاهرة وليست نجسة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أباح غمس الذباب في الماء وشرب الماء، فهي طاهرة وليست بنجسة, فيكون الماء قد تغير بطاهر، فينتقل من الطهور إلى الطاهر، فصار ماء طاهراً لا يمكن استعماله في رفع الحدث أو إزالة النجاسة، لكن يمكن استعماله في أمور أخرى, في اغتسال تبرد أو الشرب، وهذا هو الراجح.
حكم الحالة الثالثة: إذا ماتت ولم تغيره فهو باق على أصل خلقته، فحكمه الطهورية.