أما الأحناف فقالوا: العظم والجلد والعصب والشعر على الطهارة واستدلوا على ذلك من الأثر ومن النظر، أما من الأثر: فقد ورد في الحديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم امتشط بمشط من عاج) والعاج: عظم، وأيضاً:(أمر النبي صلى الله عليه وسلم ثوبان مولاه أن يشتري لـ فاطمة سوارين من عاج)، ووجه الدلالة من الحديثين! أنه لو مس بالنجاسة يده وشعره لتنجس، ولما لم يأتنا من الدليل أنه غسل يديه بعد استعماله وغسل رأسه بعد استعماله دل على أنه طاهر.
الوجه الثاني: استخدمت فاطمة السوارين، وحصل فيهما بيع وشراء، فعلى القول بنجاستهما لا يجوز شراء وبيع النجس، وهذا فيه خلاف بين العلماء، كذلك كون فاطمة رضي الله عنها صلت بهما وعلى القول بنجاستهما لا يجوز أصلاً أن تحمل النجاسة في الصلاة والصلاة تبطل بهذا، فلما صح أن تحمل السوارين دل على طهارتهما، هذا قول الأحناف من الأثر.
أما من النظر: فإن العظم والشعر والعصب لا تحل فيه الحياة، فإذاً لا نطبق عليها قاعدة: أن ما حلت فيه الحياة فبالموت يكون نجساً؛ لأن الحياة لازمة للطهارة والموت لازم للنجاسة.
إذاً: هناك أقوال ثلاثة: قول الشافعية وهو قول المذهب: أن الشعر والعظم والعصب على النجاسة إلا الآدمي، وخالف في ذلك الحنابلة والمالكية فقالوا: نتفق على إخراج الآدمي ونتفق على العظم والعصب، ونخالف في الشعر والأحناف قالوا: نخالف في الجميع، فالآدمي طاهر، والشعر والعظم والعصب من أي حيوان كله طاهر.