الشعور النابتة في الوجه هي: شعر الحاجب، والشارب، والعنفقة، والعذار الذي في أصل الوجه الذي هو قريب من أصل الأذن، فنقول: هذه الشعور يجب غسلها ظاهراً وباطناً، يعني: لا بد من إرواء البشرة عند الغسل، فلو غسلها دون أن يروي البشرة التي تحتها لم يصح الوضوء، فلا بد أن تغسل وجهك وتدلك حتى تروي البشرة التي تحت هذه الشعور؛ لأن الله جل في علاه قال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا}[المائدة:٦]، والغسل هو: من غسل الظاهر والباطن إلا ما دل الدليل على خلافه.
وأيضاً: النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الصعيد الطيب طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته)، فلا بد من إمساس الماء البشرة.
أما اللحية، فالناس فيها على ثلاثة أقسام: حليق، والعلماء يقولون: أمرد، ولا يقولون: حليق حتى لا يقروا بذلك، فيقولون: الناس بالنسبة لشعر اللحية ثلاثة: الأول: أمرد، والأمرد: هو الذي لا ينبت شعر وجهه.
الثاني: صاحب لحية خفيفة.
الثالث: صاحب لحية كثيفة.
أما الأمرد: فباتفاق أنه لا بد أن يروي البشرة لما سبق من الأدلة.
وأما صاحب اللحية الخفيفة فقالوا: يجب عليه غسل هذه اللحية ظاهراً وباطناً، وتخليلها في حقه واجب، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ غرفة بيده ويخلل اللحية ويقول:(هكذا أمرني ربي) كما في سنن أبي داود.
إذاً: تخليل اللحية له حالتان: إذا كانت لحية خفيفة فيجب تخليلها؛ لأنه من تمام الغسل إرواء البشرة.
وإذا كانت اللحية كثيفة فلا يجب تخليلها بل يستحب.
فإن قيل في اللحية الكثيفة: لم لا أستوعب الغسل وأروي البشرة، والله قال:(فاغسلوا) والغسل يكون ظاهراً وباطناً؟ وقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه: أنهم صلوا خلف النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة سرية قال: فكنا نعلم قراءة النبي صلى الله عليه وسلم باهتزاز لحيته، فبهذا علم أنها كانت كثيفة.
وورد في البخاري (أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثاً ثلاثاً)، فقد توضأ النبي صلى الله عليه وسلم مرة واحدة، والمرة الواحدة لا يمكن أن تستوعب غسل البشرة في اللحية الكثيفة، ففيه دلالة: على استحباب تخليل اللحية الكثيفة ولا يجب تخليلها، والمشقة تجلب التيسير، فكلما عظمت المشقة جاء التيسير، وكلما جاء العسر جاء اليسر.